احتجاج غير مسبوق يهز أركان عملاق التكنولوجيا
في خطوة جريئة وغير مسبوقة، تصدرت المهندسة والمبرمجة المغربية الشابة ابتهال أبو سعد عناوين الأخبار ومنصات التواصل الاجتماعي بعد أن قاطعت فعاليات الاحتفال باليوبيل الذهبي لشركة مايكروسوفت في مقرها الرئيسي بمدينة ريدموند بولاية واشنطن. لم يكن احتجاجها مجرد صرخة، بل حمل اتهامًا مباشرًا لإدارة الشركة بالتواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي والمساهمة في "الإبادة الجماعية" بحق الفلسطينيين في غزة.
مسيرة واعدة تتحدى الضمير
وُلدت ابتهال في الرباط عام 1999، وتفوقت في دراستها بثانوية مولاي يوسف، لتحصل على البكالوريا في شعبة العلوم الرياضية عام 2017. نالت منحة دراسية مميزة لمتابعة دراستها في جامعة هارفارد، حيث تخصصت في الذكاء الاصطناعي وعلوم الحاسوب.
في عام 2016، شاركت في برنامج "TechGirls" برعاية الخارجية الأمريكية، وهو ما شكل نقطة تحول في مسيرتها، لتكرّس طاقتها لاحقًا في تطوير التعليم التكنولوجي بالمغرب، خاصة للفتيات من ذوات الدخل المحدود.
شاركت ابتهال في العديد من المبادرات، منها تأسيس منتدى “IT Weekend”، وتطوير منصة "Recentibus" لحفظ السجلات الطبية للاجئين. بعد تخرجها عام 2022، التحقت بشركة مايكروسوفت وعملت ضمن فرق الذكاء الاصطناعي وخدمات "أزور" السحابية.
صرخة في وجه العملاق: اتهامات بالتواطؤ ودعم الإبادة
خلال حفل رسمي بمناسبة مرور 50 عامًا على تأسيس مايكروسوفت، وأمام الحضور بمن فيهم مصطفى سليمان، المدير التنفيذي لقسم الذكاء الاصطناعي، فاجأت ابتهال الجميع بمقاطعة الكلمة الرئيسية ووجهت اتهامات مباشرة للشركة بالتواطؤ مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
اتهمت الشركة باستخدام تقنياتها، خاصة في الذكاء الاصطناعي، في دعم الجيش الإسرائيلي، وأشارت إلى عقد بقيمة 133 مليون دولار لتخزين بيانات ضخمة على "مايكروسوفت أزور". كما كشفت عن فصل موظفين حاولوا الاعتراض على هذا التعاون.
رسالة مسربة تفضح المستور
في رسالة نشرتها منصة "ذا فيرج"، قالت ابتهال إنها اكتشفت أن تقنيات مايكروسوفت تُستخدم في مراقبة الفلسطينيين ودعم بنك الأهداف التابع للجيش الإسرائيلي. وأكدت أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت و"أوبن إيه آي" تضاعف 200 مرة في مارس 2025 مقارنة بما قبل عملية "طوفان الأقصى".
وفي فيديو انتشر على نطاق واسع، خاطبت مصطفى سليمان قائلة:
"عار عليك.. مايكروسوفت تبيع أسلحة الذكاء الاصطناعي. خمسون ألف شخص ماتوا، ومايكروسوفت تمول هذه الإبادة الجماعية."
ثم أضافت: "يداك ملطختان بالدماء.. كيف تجرؤون على الاحتفال؟"
ردود فعل واسعة وإشادة بالشجاعة
لاقى موقف ابتهال إشادة كبيرة من الإعلاميين والحقوقيين والجماهير، وتصدر وسم #ابتهال_أبو_سعد المنصات الاجتماعية. كما أثنت حركة حماس على موقفها واعتبرته نموذجًا للشجاعة النادرة.
شركة مايكروسوفت من جانبها لم تنكر التعاون مع الجيش الإسرائيلي، لكنها أكدت أن العقود تتم وفق معايير أخلاقية. وتشير تقارير إلى أن ابتهال وزميلها فانيا أجراوال فُصلا من النظام الداخلي بعد الواقعة.
التكنولوجيا والصراع: معضلة أخلاقية متنامية
تكشف هذه الحادثة عن أزمة أخلاقية متنامية في عالم التكنولوجيا، حيث يتزايد القلق من استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب. سبق أن وقع موظفون في مايكروسوفت على عريضة ضد التعاون مع إسرائيل، كما كشفت وكالة أسوشيتد برس عن استخدام تقنيات "مايكروسوفت" في اختيار أهداف القصف في غزة.
التضحية الشخصية وتأثير محتمل
اختارت ابتهال أن تضحي بمسيرتها المهنية من أجل ضميرها، وقالت صراحة: "لا يمكنني أن أكون جزءًا من آلة قتل." موقفها قد يلعب دورًا محوريًا في دفع الشركات التقنية لإعادة تقييم مسؤولياتها الأخلاقية.
وجود شخصيات مسلمة أو عربية في مراكز قيادية بهذه الشركات يزيد من تعقيد الصورة ويبرز الانقسام الداخلي في ما يتعلق بالأخلاقيات والعدالة.
الخلاصة
ما قامت به ابتهال أبو سعد ليس مجرد موقف فردي، بل صرخة مدوية تضع شركات التكنولوجيا أمام مرآة المسؤولية الأخلاقية. تضحية ابتهال تعكس بوضوح أن هناك من لا يزال يؤمن بأن التكنولوجيا يجب أن تُستخدم لخدمة الإنسان، لا لإنهاء حياته.
جدول زمني للأحداث الرئيسية
| التاريخ | الحدث |
|---|---|
| 5 أبريل 2025 | ابتهال تقاطع حفل مايكروسوفت وتتهمها بالتواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي |
| 5 أبريل 2025 | نشر رسالتها التفصيلية على موقع "ذا فيرج" |
| 5 أبريل 2025 | فقدانها وزميلها الوصول لحسابات العمل |
| لاحقًا | إشادة واسعة بموقفها من مؤسسات وشخصيات متعددة |
| لاحقًا | مايكروسوفت تؤكد التزامها بـ"المعايير الأخلاقية" دون نفي التعاون العسكري |